للمرة العشرين بقلم المبدع كريم خيري العجيمي

للمرة العشرين..!!
.....................
ها أنا للمرة العشرين..
أستفتح أبواب الكلمات..
وكأنما أوصدت بأقفال من حديد..
أو كأنني ولدت على قيد الخرس فلا أمل في إدراك البيان بعد طول سكوت..
أشحذ همة يراعي وقد فعل فيه الجوع الأفاعيل..
حد ربط حجر على بطنه استعدادا لطول جهاد..
علني أحظى بطرف خيط لخاطرة يتيمة أسد بها رمق الورق..
أو أستسقي لمتن لوح أنهكه الظمأ..
أفك أزرار البوح..
أفض مغاليق البلاغة وقد ضرب العجز خاصرتها في مقتل..
فعادت الأبجدية إلى الداخل محض همهمات غاضبة  تلوذ بعتمة الحناجر..
وما بين مرارة الكتمان..
وخيبة الهذيان..
بت أطوف مكامن الوجع كهفا كهفا..
قبوا قبوا..
ولكن لا مفر..
فقد صامت المحابر..
واشتد لازبها إثر طول عجاف..
وكأنها تعلن اعتكافا عن الإفصاح..
فتؤول أوراقي كل ليلة إلى سلة مهملات ممتلئة عن آخرها..
كما ألت أنا إلى سلة النسيان وكأنني ما كنت يوما على قيد هواك..

للمرة العشرين..
أعود أدراجي إلى خزانة قديمة علاها الغبار من طول ما عافتها أيدي الطلب..
أظنها خزانة روحي..
تلك التي بقيت على قيد أحدهم من قبل مولد النسيان إلى أن فرغت جعاب من أرادوه..
دون أن تشكو..
وقد حصّلوا مرادهم وبقيت أنا على خشبة الصلب دون موت ودون حياة..
فلا أنا بالذي أدرك منزلة الشهداء فنال فردوس اليقين..
ولا أنا بقيت حيا فذقت نعيم القبول..
وفيما بينهما آلاف السؤل..
ما أدركت منها قدر خردلة من جواب..
أطالعها حينا سائرا على درب السؤال..
وحينا أبعثرها كمن ينبش قبرا يستصرخ الموت بعض حياة..
أظنها صندوق أسراري..
تلك التي كنت أجمع فيها بقاياي..
خبيئة لك..
أو زادا ليوم ذي مسغبة..
وقر في خلدي أنه يوم أينعت ثمار ضوءه دون أن تأتي بك..
كزهرة حزينة ارتدت حلة العطر لموعد زفافها..
ولم تكن تدري أنها تزف لكفين من حطب..
لم تكن تدري أنها تزينت لتقدم كقربان..
لكن على ملة..
(وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه.....)إلخ

للمرة العشرين..
أصعد درج الانتظار عاكفا على إحياء أمنية في جدث الصدر تعاني غرغرة الوداع..
وكأن كل ما كان بيننا ذات يوم..
محض عهود للخديعة والقطيعة..
والضياع..

للمرة العشرين..
يأكلني الشك..
يثمل على شرفي..
كذئب يعاني السعار وقد غاصت فيّ مخالبه..
من جلدي وحتى نخاعي..
فلا عليك..
وما كنت أظنك مثلي من البشر..
لا..
لم تكوني..
قديسة أنت..
فكيف لبشري أن يطاولها؟!..
كيف لمن جبلته الأقدار على الذنب؟!..
أن يتطلع إلى ملائكية الطباع..
أظنني نصبت والسديم عيناك..
ومثلي مولود على الشظف..
العراء غاشيتي..
والشوك فرشتي ومتاعي..
لا عليك..
فما عاد الحرف يكفيني..
وما عاد للبكاء من داع..
ولكن يبقى سؤال لحضرة الورق..
هل يُنبت الزحام وجهك مرة أخرى؟!..
فأتوضأ بالصبر..
وأقوم باللهفة..
أصلي وأطيل تبتلي وركوعي..
لا..
لا أظن..
وقد صبئت الصحف..
والحبر جف..
على أعتاب فطام بلغ عامه العشرين..
وقد شاخت الأحلام..
واليأس أضحى فتيا..
فلمن تكون الغلبة يا ترى؟!..
وهل لقلب حال عليه الحول عشرينا بعد عشرين؟!..
أن يعود صبيا..
غبي هو ذلك الرابض في أيسري..
والله كان أحمقا وغبيا..
وما من أمل في عشرين أخرى تشفع للصمت الوئيد..
وا ويلتاه لمن أضاع العمر بعثرة..
وكان لقياك أقصى ما يصبو إليه..
تبا له ألف مرة..
كيف لمن رجم بحجارة الهجران؟!..
أن يعود وليا..
خاسر هو..
وطوبى لمن منحه مرارة الخذلان..
عذرا..
خذلتني الحروف..
أرجو السماح مرتي ال..
عشرين..
وأظنها الأخيرة..

(نص موثق)..
النص تحت مقصلة النقد..
.................................
بقلمي العابث..
كريم خيري العجيمي
مصر- البحيرة في ٢٠٢٠/٣/١٥

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لا أدري نص للشاعر عبدالرحمن محمد

سأبدأ بوصفك نص للشاعر عبد الرحمن محمد

خايف أهمس للقمر نص عامية للشاعر عبدالرحمن محمد