يوما ستكبر يوما ستعبر نص للمبدع كريم خيري العجيمي

 يوما ستكبر..يوما ستعبر..!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال..

يوما.. 

ستكبر يا صديقي..

ستتجاوز كل خيباتك.. 

وانكفاءات روحك..

وانهزام دواخلك..

ستلملم حطامك..

وبقية روح تلوذ بعتمة الصمت في أعماقك من التعري أمامهم بضجر وشكوى..

تشتكي إلى الله مرَ فِعالهم..

صمتا..

أليس الله يعلم السر والنجوى؟!..

ستعبر إلى الغد يوما من سم الخياط.. 

مهما  طال المكوث في قيود الأمس..

وحينها.. 

لن تَنعى ولن تُنعى..

سترتق جراحك بيدك دون حاجة لمساعدة الآخرين..

وتكمم أفواه الأنين بداخلك..

ولربما تخرسه للأبد حتى لا يُسمع..

ستكبر لدرجة أنك،،،، 

لن تحتاج يدا تمسك بيدك.. 

أو تأخذ بك إلى مشارف النور لأن الانطفاء بداخلك علمك أن تستغنى جيدا عمّن استغنى..

ألا تحتاج لنور ينبعث من هاماتهم الملائكية..

أو ضياءٍ..

هم من يأخذك إلى منابعه..

أن تسقط من حسابك من لم يحسبك كل حساباته..

فمن بخل عليك بكله فكيف تمنحه بعضك؟!..

ستكبر لتلك الدرجة..

التي لن تحتاج فيها ساعد غريب تتوكأ عليه..

لأنك ستمد يدك ليدك كي تستقيم..

وتشد بيدك على يدك كل ذات برد لتشعر بالدفء..

وكل ذات عصف لتقف في وجه الريح..

لن تحتاج أن يمنحك أحدهم نبضا تهش به على شاردات أمنياتك..

ستتعود أن تمضي ولو لم تملك شيئا..

مجهدا..

مرهقا..

مزلزلا..

موجوعا بقدر أوجاع العالمين..

مجهولا..

يعرفك بعضهم وينكرك أكثرهم..

لكنك ستمضي..

تأبه أو لا تأبه..

لا يهم..

تعلمُ يقينا أن الفقدان مؤلم..

رغم إنكارك المتكرر..

ومحاولات إخفاء متتالية..

بينما يبكيك ويقتلك..

ورغم ذلك..

ستمضي..

ببساطة شديدة.. 

لأنك ستطوي صفحة الأمنيات وكأنها ما كانت يوما متطلع القلب، وغاية الحلم..

ببساطة..

لأن خارطة احتياجاتك لن يعود من ضمن معالمها ما يسمى بالأمنيات..

ستكبر.. 

لتلك الدرجة التي تتبدل فيها الأمنيات،وتتغير فيها وجهة الأحلام..

وتتغير أنت..

لتلك الدرجة التي ستستصغر فيها كل ذلك الاحتراق الذي كنت تشعر به يوما..

وكم كنت غرا يتوجع لأمور تافهة لا يُتَوَجعُ لأجلها..

ويموت لأجل من لا شعور لديهم..

رغم عنفوان مشاعره وثورة أحاسيسه..

لكنهم أرادوا لها الموت فماتت..

فلما ماتت..

ماتوا بداخلك..

أو ربما هم ما زالوا أحياء..

ولكن ماتت تلك الأشياء التي أغرتك بهم يوما، فماتوا في قلبك على قيد الحياة..

وأقسى ما في الحياة يا عزيزي، موت الشعور تجاه شخص كان يشعل بركان أحاسيسك إن مر ذكره في بالك ولو سرا..

ستكبر لدرجة،،،

ألا ثؤثر عليك بعد الآن، تلك الأشياء التي لطالما كانت تبكيك..

فتؤذي روحك وتهذيك..

وتفقدك جادة الصواب..

كهائم على وجهه في سرداب مجهول لا بداية له ولا نهاية..

ستكبر..

لتلك الدرجة التي لن تكلف فيها نفسك عناء الرد على أحدهم..

بل تؤثر الصمت كخير جواب..

وتبقي على هدوئك الذي لم تعد تنزعه منك تلك الانفعالات العابرة..

ستكبر.. 

لتلك الدرجة التي لن يؤثر فيها عليك ذم أحدهم لك أو مديحه..

فلن ينقص عمرك يوما لو انتقصك أمام الآخرين..

ولن يزيد في مذخور سعادتك أن يسهب شرحا في كمال أوصافك وشمائلك..

ستكبر لتلك الدرجة التي..

ترى فيها أن كل تلك الخسارات لم تكن خسارات..

بل كانت جواز عبور لغد..

وأننا حينما نمر إلى أقدارنا.. 

إنما نمر على أرواحنا..

أحلامنا..

نبض قلوبنا..

ذواتنا..

أحياناً..

ولكنك من أخطأ التفسير..

ستكبر يوما..

وستخبر الطرقات.. 

والدروب الوعرة والمسالك..

حينما تلتفت خلفك..

بأنك عبرت رغم التعب..

رغم الأسى..

رغم بعد الهدف..

رغم تكالب العثرات وكثرة الحفر..

ستكبر لتلك الدرجة..

التي تنظر فيها لماضيك وتقلب أوراق ذكرياتك..

فتكتشف كم كنت صغيرا..

كم كنت طفلا لمراحل تجاوزت الطفولة..

بمراحل..

فأنضجتك التجارب..

ستكتشف يوما أنك كنت تحتاج هذه الأوجاع والخيبات لتشعل النار في مدائن الحزن بداخلك..

وتضرم اللهب في شواطيء القلق..

أنك كنت في حاجة لتلك الصفعات لتصحح المسار الذي اعوج ذات سهو..

ستعرف حينها أنه ما من شيء دون ثمن..

وأنك دفعت الثمن مضاعفا..

حينما أوقفت الزمن عند رحيل أحدهم..

رغم أنه بالأصل لا يذكر أنه جاءك حتى يتذكر أنه رحل عنك فآلمك..

فعلمت جيدا حينها أنك من تلاعب به الخيال..

فجعل منك أضحوكة..

وجعلت منه عالمك..

ستكبر..

إن لم يكن اليوم، فغدا..

لكنك حتما.. 

ستكبر..

(نص موثق)..


النص تحت مقصلة النقد.. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلمي العابث.. 

كريم خيري العجيمي


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خايف أهمس للقمر نص عامية للشاعر عبدالرحمن محمد

لا أدري نص للشاعر عبدالرحمن محمد

حين قررت الرحيل نص للمبدع هشام كمال